اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
184944 مشاهدة print word pdf
line-top
طالب الجنة لا ينام

...............................................................................


والحاصل من هذا كله: أن يؤمن العبد المسلم بهذا, ويصدق بأنه حق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا يحمله على أن يطلب الجنة بكل ما يستطيعه، ويبذل فيها كل ما يقدر عليه. إذا تصور أو استحضر ثواب الله ونعيمه لم يَقرَّ قراره حتى يتحصل على العمل الذي يؤهله؛ ليكون من أهل هذه الدار التي هي دار كرامة الله؛ كما ورد عن بعض السلف أنه قال: عَجِبْتُ للجنة كيف ينام طالبها؟! وعجبت للنار كيف ينام هاربها؟!
الجنة إذا طلبها وتعجب مما فيها، وعرف ما أعده الله تعالى فيها، فإنه يهزه الشوق إلى أن يندفع بالأعمال الصالحة التي تجعله مستحقا لذلك النعيم الذي لم يخطر له على بال. في حديث مشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يؤتى بأبأس الناس في الدنيا من أهل الجنة، فيغمس غمسة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم: هل رأيت بؤسا قط؟ هل مرت بك شدة قط؟ فيقول: لا يا رب، ما رأيت بؤسا، ولا رأيت شدة، ولا مرت بي شدة وقد كان في الدنيا يلاقي صعوبات وعذابا وآلاما، ويلاقي ابتلاء وامتحانا وفقرا ومرضا ونحو ذلك، ولكن ينسى ذلك كله إذا أدخل في الدار الجنة، وينسى ما هو فيه قبل ذلك من الشدائد والمحن والآفات، ينسيه ما هو فيه من هذا النعيم.

line-bottom