إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
181662 مشاهدة print word pdf
line-top
طالب الجنة لا ينام

...............................................................................


والحاصل من هذا كله: أن يؤمن العبد المسلم بهذا, ويصدق بأنه حق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا يحمله على أن يطلب الجنة بكل ما يستطيعه، ويبذل فيها كل ما يقدر عليه. إذا تصور أو استحضر ثواب الله ونعيمه لم يَقرَّ قراره حتى يتحصل على العمل الذي يؤهله؛ ليكون من أهل هذه الدار التي هي دار كرامة الله؛ كما ورد عن بعض السلف أنه قال: عَجِبْتُ للجنة كيف ينام طالبها؟! وعجبت للنار كيف ينام هاربها؟!
الجنة إذا طلبها وتعجب مما فيها، وعرف ما أعده الله تعالى فيها، فإنه يهزه الشوق إلى أن يندفع بالأعمال الصالحة التي تجعله مستحقا لذلك النعيم الذي لم يخطر له على بال. في حديث مشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يؤتى بأبأس الناس في الدنيا من أهل الجنة، فيغمس غمسة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم: هل رأيت بؤسا قط؟ هل مرت بك شدة قط؟ فيقول: لا يا رب، ما رأيت بؤسا، ولا رأيت شدة، ولا مرت بي شدة وقد كان في الدنيا يلاقي صعوبات وعذابا وآلاما، ويلاقي ابتلاء وامتحانا وفقرا ومرضا ونحو ذلك، ولكن ينسى ذلك كله إذا أدخل في الدار الجنة، وينسى ما هو فيه قبل ذلك من الشدائد والمحن والآفات، ينسيه ما هو فيه من هذا النعيم.

line-bottom